Sunday, 1 September 2013

المطار -part1



تكون المطارات أقل إكتظاظاً ساعة الفجر, وتوديع الأهل يكون أسهل حيثُ تغادرهم بصمت وهم نائمين. آصر من كان معي من أصدقائي أن أتناول إفطاري الأخير معهم قبل أن نكمل المسير إلى المطار. وجهتنا الآن "هاشم" لا أنكر عدم حبي له, لكن في تلك الساعة بدا للجميع الخيار الأمثل ووافقت لأنني أردت أن أودع شوارع عمان التي حفظت قدماي زوايها وادراجها وحضنت صباي!

لا تنظر إلى الخلف فقد تعودُ لك الذكريات, أول شيء من كل شيء قد حصل هُنا, كُل الذكريات بأشخاصها وأماكنها. تصل إلى المطار وأنت بأبهى حلتك كطفلٍ إرتدى ملابسه الجديدة صباح العيد, لأنك لا تعلم من ستلتقي فالمطار هو بوابة تمر بك عبر العالم. تودع أصدقائك لتكمل طريقك إلى الطائرة وحدك.

وصلت مقعدي ولم أستطع أن أوقف إبتسامتي حين رأيت من تجلس بجانب مقعدي, ذهبت جميع الإحتمالات السيئة االتي فكرت بها. لم أفكر إنني سأجلس بجانب أنثى بجمالها بدلاً من طفلٍ مُزعج أو رجلٍ كريه الرائحة. كانت كأنها تجلس في منزلها وهي منهمكة بقراءة الرواية التي تحملها بيدها, سلسل شعرها على كتفها الإيمن, لم أستطع أن أقرأ إسم الرواية عندما إلتفتت إلي وبادلتني الإبتسامة, فجلست بسرعة وذهبت مني فرصتي ببدأ الحديث عن طريق إسم الرواية.

ثواني ويأتي صوتٌ رفيع مزعج يصدر من رجل هزيل يبدو من ملامحه انه آسيوي, فيقول لها بأنها تجلس على مقعده. صُدمت أكثر منها كأنه صفعني على وجهي, قامت بسرعة وأحمر وجهها خجلاً من الموقف وأعتذرت منه, أما انا فأردت ان أسب أباه وأرميه خارج الطائرة. ظننتها ستكون أول شخص سأعرفه في غربتي الموحشة وربما أكثر, لم أدرك حتى إسمها. جلس مبتسماً كأنه إنتصر في معركة, عرَفني على إسمه أما أنا فكتبته على ورقة مدعياً أنني أخرس كي يلزم الصمت لنهاية الرحلة.

ربما سأراها عندما تهبط الطائرة, حتماً سوف أراها. عندما نزلنا بقيتُ شارداً بنظري أبحثُ عنها, حتى إنني نسيتُ من كان ينتظرني لإستقبالي في المطار ومررتُ من قربه كأنني لا أعرفه, إلا أنا أخذ يعدو خلفي ومسك كتفي. حينها إستيقظت مما شردتُ به!
ما بين مطارين كأنني أنهيت حياة في الأول وبدأت حياة آخرى في الثاني, ذكريات ستكتب بأشخاص وأماكن جديدة.

مضى لي شهرٌ هُنا, قل شعوري بأنني غريب… يتبع

No comments:

Post a Comment