مضى لي شهرٌ هُنا, قل شعوري بأنني غريب, وأصبح لي روتيني اليومي الممل, أكسر ملله نهاية الأسبوع! أستيقظ باكراً, أشربُ قهوتي الصباحية, ثم أذهب إلى عملي مستقلاً القطار. في البداية كنت أقرأ عناوين الصحف والمجلات أو أسماء الروايات مِن مَن كانوا يقرأون من حولي. لاحقاً جاء اليوم الذي فيه إنضممتُ إليهم بقرائتي معهم, فبدأت ب "سيرة مدينة" لأسافر عبر الزمان والمكان إلى عمان.
اليوم كان مثل أي يوم غيره, لم يتغير به أي شيء عن سواه, إلا أن شخصاً آخر قد تداخل يومي بيومه! وقفتُ في آخر المقطورة وإنغمستُ في القراءة كغيري. في اللحظة التي توفقت فيها عن القراءة ونظرتُ أمامي, أخذتُ أتطلع على وجوه الآخرين. كانت هيَ, نعم هيّ ذاتها بقميصٍ أبيض وشالٍ حريري تلَون بالأحمر والأسود قد إلتفَ حول عُنقها.
كان كُلٌ منا في الطرف الآخر من المقطورة! المكان جداً مُزدحم لا أعرف كيف أصل إليها, هذه المرة لن يكون رجلاً هزيلاً من يُذهب فرصتي من معرفتها, بل أنا وبلادتي في التصرف. لم تنتبه إلي! يكادُ القطار أن يصل محطتي ويكادُ عقلي أن يتوقف عن العمل من كثر السيناريوهات التي قد رسمها عقلي وانا متيقن ان أحداً منها لن يحدث.
أعلنت أصواتُ المكابح وصول القطار إلى المحطة التي سأنزل بها, لا أُريد النزول قبل أن آراها تغادر هيَّ أيضاً. تُفتح الأبواب فتخرج جيوشٌ من النمل إلى خارج المقصورة, وأعودُ أنا لأشرد بنظري باحثاً عن شالها الحريري, كمن يبحثُ عن إبرةٍ في كومة قش. بقيتُ في المحطة إلى أن أصبحت شبه خالية, إلى أن إختفت ولم تبقي من أثرها سوى عطرها.
جررتُ خيبتي خلفي مُتثاقلاً لأكمل يوم, متسائلاً ما الذي أذنبته كي يحصل معي هذا..
يتبع...
No comments:
Post a Comment