Wednesday, 28 August 2013

إعدام مقال



هذه هذربة أكتبها في آخر الليل وإن كنت مصاب بجنون العظمة سأقول عنها مقال وأغتصب معنى هذه الكلمة!
هي تغريدة تجاوزت حد المائة وأربعون حرفاً وكثيرٌ عليها أن أكتبها هنا على صفحة إلكترونية مهمشة.
كل فترة نتفاجأة بإتقان نصف الشعب مهنة معينة, هم لا  يتقنوها حرفياً بل يظنون أنهم يتقنوها وهم لا يعرفون الألف من الياء  في تلك المهنة, ففجأة تراهم مصوريين عالميين “وفقاً لتصورهم”, أو شعراء أو كتاب ويبدو أحياناً صحفيين.

إترك الخبز لخبازه ولو أكل نصفه أفضل من أن يحرقه جاهل. كن بارع في مهنة محددة ولا تدعي الفهم في كل شيء وتضحك على نفسك وعلى من حولك, وإذا إعتقدت أن المواقع الإجتماعية هي عالم آخر فأدعوا الله أن تستيقظ من حلمك وتلامس قدماك الأرض لتذكرك بالواقع.

من الجميل أن ترى وجهات نظر مختلفة ولكن من المؤسف كيف يكفر ويهاجم كل صاحب رأي معين الآخر, هذه مواقع تواصل إجتماعي “خطين تحت كلمة تواصل” ولكن أصبح الحال أشبه برياض الأطفال نظراً للمستوى المستعمل في النقاش.

لن أطيل الحديث وأنّظر على الجميع! فكل شخص لديه عقل ليس مني بل من ربٍ أعطاه تلك الأفئدة ليتميز عن باقي خلقه. إن إستعملها أم لم يستعملها هو حرٌ بنفسه طالما تفكيره العقيم لن يؤذيني.

في المدرج الصغير



     هيبة هذا المدرج تملىء زواياه. قد كان يجلس هنا من قبلك إمبراطور منذ زمن بعيد أغبر, نسماتٌ صيفية تعيد لك الروح كلما هبت تحت سقفه الأسود المرصع بالنجوم.
بدأت الأوركسترا الصغيرة تملىء المكان بالموسيقى العذبة, كأنك لأولِ مرةٍ تسمع! الأوركسترا عالم آخر عندما تكون أمامك, تسمعها قطعةً واحدة أو كلُ آلة على حِدا.

    في ذلك الجو الملائكي لن يزيده جمالاً إلا أن ترى ملاكاً! كان الجمالُ شرقياً وسيبقى .. هذا ما قرأتُه في لمعة عينيها.
هل أنا أحلم تقول في نفسك; من تأثير موسيقى الكمان فرأيتُ ملاكاً, تُغلق عينيها فتغلقها أنت أيضاً, لا ترى شيئاً فكل حواسك في أُذنك. آُذنك التي بعد أن كانت تائهة في الصحراء وجدت نفسها في واحة من الموسيقى!

إنتهى الحفل وآمتلىء المدرج بالناس مغادرين كالنحل, من أين أتيتم فقد كُنتُ وحدي في المدرج في حضرة الأوركسترا وملاكٍ شرقي.
من شدة جمال الموسيقى حين غادرت لم أذكر أنني قد رأيتُ ملاكاً, إلا أن توقف صدى الموسيقى في أُذني وعادت تائهة في الصحراء! حينها ذكرني قلبي بها.

المقهى

على شُرفة أحد المقاهي قُرب دوار باريس كُنت أجلس بإنتظارها لأن تأتي. لم أمل الإنتظار وأنا مُنصت لLa vie en rose
متأملاً وجوه من كانوا يجلسون حولي، محاولاً ان أعرف ما هي قصصهم فكلُ واحدٍ منهم لديه قصة ترويها عينيه.

جاء عطرها أولاً مُعلناً قدوم الربيع.
وبفستانها الأبيض المليء بالزهور وتفتُح إبتسامتها، أعلنت قدوم الحياة للمقهى وتلون المكان بألوان الزهور بعد أن كان بلونين فقط.

لم تغادر إبتسامتها عن وجهها رغم الحزن الكائن في وجهي، وكأنها علمت كم أشتقتُ لرؤيتها.

- كيفَ حالك؟
- بخير، أنت؟
- عدا عن إشتياقي لكِ، أنا بخير أو يهيأ لي ذلك.
- متى كان لقائنا الآخير؟
- يوم الحادث. قد مضى عامٌ على ذلك.

يبدو أن حديثنا سيطول، فُنجانين من القهوة وكأسٌ من الماء سيفيان بالغرض كي لا يجف صوتي في وسط الكلام، فهنالك الكثير لأرويه.
كنتُ أضع في قهوتي قطعتين من السكر إلا أن غادرتني، فأصبحت كحياتي، مُرة.

- بما شردت؟ ولماذا لم تزرني طوال هذه المُدة؟
- زيارتي لكِ ستعيدني إلى الواقع، هذا ما لا أُريده!
- هل تعرفت على أحدٍ بعدي؟ هل أحببتها؟
- لا، لا أُريد ان أظلم أحدهم بمُعاشرة جُثة هامدة بلا مشاعر، بلا نبض، فقد توقف بذهابك.
- أطلنا الحديث، علي المُغادرة الآن قبل أن يقول عنك الآخرين بأنك مجنون…

أُحاسب على فُنجانين من القهوة أحدهما لم يُشرب، ولم يُحرك الكرسي من أمامه!
أترك جنوني خلفي على هذه الشرفة، لكي أعود إليه بعد عامٍ من الآن!
لحظاتٍ من الجنون ليوم بعيداً عن واقع لا أريد أن أصدقه، قد تبعدني عن الجنون طوال العام.


هيَّ لم تمت. لا أستطيع أن أقول، ولن أقول إنها قد ماتت. هيَّ فقط بعيدة.

أريكة مخملية




تدخل إلى الغرفة لتجدها جالسة بعيونٍ ذابلة على الأريكة, أريكة مُخملية اللون ذات طراز فرنسي قديم.
لا تعلم ماذا تفعل! تجلس بجانبها ببطىء وكأنك خائفٌ أن توقظها من ما هي شاردة به.
تلتفت إلى وجهها مُلقياً نظرك على شفتين ورديتي اللون لترفعهما لاحقاً إلى عينيها الذابلتين.
هناك الكثير من الكلام في عينيها! حُزنٌ قد إمتزج بإطمأنانٍ لإنك الآن بجانبها.


بلطفٍ تضم رأسها إلى صدرك, تتنهد هيَّ كأنها تقول: قد رفعت ثقلاً عن قلبي, وأنت لا تدري ما هو.
لا يُهمك معرفة ما كان يؤرقها بقدر أن تعود بأقرب وقت لمعة عينيها وهيَ مبتسمة!
تُداعب بأطراف أصابعك شعرها الحريري, إلى أن يهدأ نبضها وتنام.


نامت, الصمت عم المكان لا شيء يُسمع سوى صوتُ قلبها! حتى عقارب الساعة قد توقفت.
كأنك لم تسمع كيف ينبضُ القلب قبل اليوم, كأمٍ تسمعُ نبض جنينها أول مرة.
هناك حياة مستلقية على صدرك, هي حياتك أيضاً. تعود للتفكير بما تُخفيه, الإحتمالات كثيرة.
ربما كذبت عليها أحدُ صديقاتها وقالت إنني قد خُنتها, ربما قد خانتني وخافت أن أعلم.
لا بد أن أتوقف عن التفكير فالإحتمالات تذهب من أسوأ إلى أسوأ مفسدةً هذه اللحظة.


لحظات وتأتيني رسالة من أخيها ليقول لي أن أباهُ قد مات, الآن إتضح كُل شيء.
ربما هي الآن تحلم أنها نائمة على صدر أبيها كأنهُ لم يمت. فقد أصبحتُ اليوم أباها!