Wednesday, 28 August 2013

المقهى

على شُرفة أحد المقاهي قُرب دوار باريس كُنت أجلس بإنتظارها لأن تأتي. لم أمل الإنتظار وأنا مُنصت لLa vie en rose
متأملاً وجوه من كانوا يجلسون حولي، محاولاً ان أعرف ما هي قصصهم فكلُ واحدٍ منهم لديه قصة ترويها عينيه.

جاء عطرها أولاً مُعلناً قدوم الربيع.
وبفستانها الأبيض المليء بالزهور وتفتُح إبتسامتها، أعلنت قدوم الحياة للمقهى وتلون المكان بألوان الزهور بعد أن كان بلونين فقط.

لم تغادر إبتسامتها عن وجهها رغم الحزن الكائن في وجهي، وكأنها علمت كم أشتقتُ لرؤيتها.

- كيفَ حالك؟
- بخير، أنت؟
- عدا عن إشتياقي لكِ، أنا بخير أو يهيأ لي ذلك.
- متى كان لقائنا الآخير؟
- يوم الحادث. قد مضى عامٌ على ذلك.

يبدو أن حديثنا سيطول، فُنجانين من القهوة وكأسٌ من الماء سيفيان بالغرض كي لا يجف صوتي في وسط الكلام، فهنالك الكثير لأرويه.
كنتُ أضع في قهوتي قطعتين من السكر إلا أن غادرتني، فأصبحت كحياتي، مُرة.

- بما شردت؟ ولماذا لم تزرني طوال هذه المُدة؟
- زيارتي لكِ ستعيدني إلى الواقع، هذا ما لا أُريده!
- هل تعرفت على أحدٍ بعدي؟ هل أحببتها؟
- لا، لا أُريد ان أظلم أحدهم بمُعاشرة جُثة هامدة بلا مشاعر، بلا نبض، فقد توقف بذهابك.
- أطلنا الحديث، علي المُغادرة الآن قبل أن يقول عنك الآخرين بأنك مجنون…

أُحاسب على فُنجانين من القهوة أحدهما لم يُشرب، ولم يُحرك الكرسي من أمامه!
أترك جنوني خلفي على هذه الشرفة، لكي أعود إليه بعد عامٍ من الآن!
لحظاتٍ من الجنون ليوم بعيداً عن واقع لا أريد أن أصدقه، قد تبعدني عن الجنون طوال العام.


هيَّ لم تمت. لا أستطيع أن أقول، ولن أقول إنها قد ماتت. هيَّ فقط بعيدة.

1 comment: